http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=346926&issue=9932
العبارة غرقت.. معليش..!
كارثة العبارة المصرية هي نموذج صارخ على ثقافة الاستهتار وغياب المسؤولية، وانعدام المحاسبة.
كل الروايات التي سمعناها عن غرق العبارة، هي شهادات دامغة عن الاستهتار. كما أن الطرق البدائية التي تمت فيها عمليات الإنقاذ والإسعاف والتعامل الإعلامي مع القضية وتوصيل المعلومة إلى أسر الضحايا، تدل على أن ثقافة الاستهتار هي السائدة.
تحدث هذه الكوارث الكبرى، ثم تسجل ضد مجهول. وتحدث الكوارث الكبرى فلا يعترف المسؤولون بالخطأ، ولا يقدم أي مسؤول استقالته.
الذي حدث هو جريمة ارتكبت بدم بارد، وهي استمرار لجرائم أخرى من حوادث القطارات إلى انهيار البنايات، وفي مجتمعات لا أحد فيها يحاسب أحدا، وليس فيها احترام لقيمة الإنسان، وتنتشر فيها ثقافة «كل تأخيرة وفيها خيرة»، ويكون الجواب على كل خطأ بعبارة «معليش»، ويتم تصوير كل جريمة فيها، بأنها قضاء وقدر، في محاولة لتبرئة المجرمين الحقيقيين. نقول في مجتمعات تحمل هذه الثقافة، تكون حياة الإنسان دائما آخر ما يفكر فيه متخذو القرار، ويكون الانضباط والمسؤولية من الفرائض الغائبة في المجتمع على كل المستويات.
ستمر هذه الجريمة البشعة كما مر غيرها من الجرائم، وسيكفكف أهل الضحايا دموعهم ويدفنون موتاهم إن حصلوا على جثثهم، ثم سينفض السامر بانتظار كارثة جديدة وضحايا جدد وجشع وأموال حرام جديدة. وقطارات تحترق، وسفن تغرق وبنايات اسمنت مغشوش تسقط..!
حين يتحول المجتمع إلى غابة، يسمح فيها للقوي بنهب الضعيف، ويسمح فيها لكل مستهتر ارعن ممارسة هواياته، لا يملك الإنسان إلا أن يطالب من بيدهم الأمر، التحرك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكننا على ثقة بأن مناداتنا هذه ستجف، مثلما يجف حبر أقلامنا في ظل حفلة موت ضمير.
التعليــقــــات
عبد الله الشمري، SA، 06/02/2006
قرأت مرة أن الملك فاروق ، قرأ ذات صباح في إحدى الصحف خبرا عن دهس أحد القطارات لمواطن بسبب خطأ عامل في سكة الحديد ، فكان قرار الملك إقالة رئيس هيئة سكة الحديد ، أليس من الواجب إقالة وزير النقل وبعض مساعديه المعنيين بالأمر؟المصيبة أن ربان السفينة كان من أول المغادرين حسب روايات كثير من الناجين ، ولا يعلم أحد مكانه ، أليس من حق أهل الضحايا تقديمه للمحاكمة ؟
حافظ جعفر حسن، SA، 06/02/2006
هكذا دائما الإنسان العربي مهضوم الحقوق ورخيص الدم ولا قيمة لرأيه ولا لحريته ولا حتى لحياته. إنك نكأت جرحا لا يندمل في وقته ولكن بمرور الزمن ينسى ويدفن في طي النسيان وتدور الأيام لتفاجئنا بكارثة جديدة ولا حياة لمن تنادي .
صــالــح بن سالم قريرة، TN، 06/02/2006
هذه المرة أصبت عين الحقيقة يا أستاذ الربعي .
عبدالكريم الفيضي، --، 06/02/2006
إن كارثة بهذا الحجم الكبير لابد أن يكون هناك مسؤولون عنها و لا بد من محاسبتهم و إيقاع الجزء الرادع بهم، إذ أن حياة الناس ليست أمراً هيناً . و لا بد أيضاً من النظر في مدى صلاحية هذه العبارات في نقل الناس و أيضاَ مراجعة أساليب السلامة عليها .
khalidrashwan، SA، 06/02/2006
أنت من ضمائرنا الحية وجزاك الله كل الخير لاهتمامك بكل همنا ووصف خيبتنا القوية.
دكتور عدلي الايوبي، SA، 06/02/2006
نعم هي تربية ثقافية مستمرة منذ زمن طويل قائمة على تمجيد تحطيم القوانين والإستهتار. هل تعلم كم عدد الحوادث المميتة في مصر؟ فالوفيات بالآلاف نتيجة هذه الثقافة المدمرة .
فاطمه ابوبكر، AE، 06/02/2006
ليس لي إلا أن أقول إن البشر في أوطاننا يعاملون مثل قطعان الغنم ، فلا قيمة لأرواح البشر . لقد آلمتني الفاجعة ومنظر الجموع المتناثرة على الميناء في انتظار من يطمئنهم على أهاليهم ولا من مجيب ، ولم نرى مسؤولا يخرج للناس يوضح الأمر .
لمياء أحمد توفيق، --، 06/02/2006
مقالك أثار الأشجان وألهب المفاصل! وسؤالي لفقرتك التي قلت فيها: (...في محاولة لتبرئة المجرمين الحقيقيين. نقول في مجتمعات تحمل هذه الثقافة، تكون حياة الإنسان دائما آخر ما يفكر فيه متخذو القرار...) ومن هم المجرمين الحقيقيين؟ وكيف السبيل للنيل منهم؟
ابراهيم شاكر، DE، 06/02/2006
د. أحمد .. لقد كتبت في مقالة اليوم أنه سوف تمر هذه الجريمة البشعة مثل غيرها، لا والله لا يجب أن تمر وإن مرت فنستحق ما يحصل لنا، فهناك حريق الأوبرا وغرق سالم إكسبريس وهناك طائرة نيويورك وعليها خيرة خبرائنا وهناك طائرة شرم الشيخ وهناك قطار الصعيد وهناك مترو الأنفاق الذي تفتح أبوابه وهو يسير وهناك العمارات التي تطيح كالورق هنا وهناك، وهناك حريق مسرح بني سويف وضحاياه خيرة مثقفينا وهناك البلطجية يملؤون الشوارع محاولين إشعال فتن طائفية مرة في الكشح ومرة في الأسكندرية، وأخيرا في الأقصر كما لو كانت مصر ناقصة مثل هذه المهنة حيث غياب الضمير وأخيرا السلام 98 فماذا بعد؟! يا د. احمد الكبار مشغولون بتصفية الحسابات والصغار مشغولون بتصفية دم هذا الشعب. لقد تعجبت من إحتكار هذا الرجل صاحب هذه الشركة لهذا الخط هذا أولا، وتعجبت أكثر عندما وجدته حرا طليقا وهو صاحب نفس الشركة المالكة ل سالم اكسبريس التي غرقت قبل فترة وجيزة! كيف؟!!! كيف لا يستقيل فورا وزير النقل ومن قبل وزير الداخلية ومن قبلهما وزير الثقافة. ثم يا د. أحمد مرة أخرى نتحدث عن ثقافة إستقالة المسؤولين، هذه الثقافة ليست موجودة عندنا فقد استبدلت بثقافة الصفصطائية والجدل العقيم وإيجاد مبررات لكل شيء وأي شيء، ولا أستطيع في النهاية إلا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل في كل من مات عنده الضمير، وعمار يا مصر.
د. هشام النشواتي,CA، SA، 06/02/2006
بارك الله فيك على النظرة الثاقبة لتحليل الحدث. إن قمة التخلف عندما يسمع الإنسان أيضا جملا ليست بمكانها مثل لا راد لقضائه والإسلام يقول (قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ) أعقل ثم توكل وأتقن عملك.
عمار احمد العراقي..Iraq، SA، 06/02/2006
حقائق دامغة وأدلة تدين كل من هو مسؤول عن هذه الجريمة التي ذكرتها دكتور أحمد الربعي, ونحن نعلم أنه لو حدث هذا في أي دولة متحضرة لاستقالت الحكومة, وزج المتسبب في السجن. وهنا يطرح سؤال ماهو الهدف من إعطاء الأوامر بعدم ارتداء سترة النجاة؟ من المؤكد أنه الإهمال واللعب بحياة الإنسان أو عدم المعرفة.
خولة ابراهيم، AE، 06/02/2006
أستاذي العزيز نحن بحاجة لما هو أكثر من ثقافة الاستقالة عن ظهور تقصير يكون ذا تأثير مصيري في حياة الأمة والشعوب، فهل عندما يستقيل الجناة الحقيقيون سيأتي من هم خير منهم؟ لا أعتقد. نحن بحاجة لتنمية روح المسؤولية لدى هؤلاء المسؤولين تجاه الشعب والأرض وأن يكونوا أبعد ما يكونون عن روح الانتهازية وأن يكتفوا على الأقل بأكل قليل من قوت الشعب فلا تكون أفواههم وبطونهم لا حدود لإشباعها ويتجاوزوا ثقافة هل من مزيد واغتنام اللحظة في سلم السلطة لمضاعفة الأرصدة التي لم تكن موجودة أصلا قبل اعتلائهم سدة السلطة. نحن بحاجة للالتزام تجاه الآخرين وأن ندرك أن حياة الإنسان وعزة أرضه والمحافظة على كرامته ووجوده أسمى ما يجب أن يسعى إليه كل إنسان في موقع المسؤولية. وندعو لكل ضحايا السلام 98 أن يتغمدهم الله برحمته وأن يكونوا في مراتب الشهداء والصديقين. ألهمنا الله الصبر على تحمل مثل هؤلاء المسؤولين.
أسامة مصطفى، SA، 06/02/2006
خاتمة مقالك يا دكتور أحمد لخصت مستقبل الحدث، مع إضافة بسيطة هي أن مرارة هذه النكبة ستبقى إلى الأبد في نفوس الذين كتبت لهم النجاة، وهي مرارة أشد على أصحابها من طعم ملوحة ماء البحر في فم الغريق، فشهداء الحادث انقضت معاناتهم بالوفاة، أما هؤلاء سيظلون ما حيوا يذكرون أنهم مواطنين من فئة الذي له ظهر لا يضرب على بطنه، وسيشاهدون المسؤولين وهم يتبخترون في مشيتهم ويصرحون لأجهزة الاعلام أن كلو تمام، في حين أن كله زي بعضه، سيذكرون تلك اللحظات الأليمة لغرق رفقائهم ومشاركيهم في هذه الرحلة من أطفال وشيوخ ونساء لا ذنب لهم إلا أنهم وثقوا في من لا يهمه أمرهم ولا يبالي لموتهم، ستطاردهم الكوابيس المرعبة لشهور وسنين عديدة. إنهم في أمس الحاجة للدعاء والمساعدة، كان الله في عونهم وصبرهم على معاناتهم.
ياسر عبدالعاطي، SA، 06/02/2006
المقال ممتاز يا أستاذ أحمد والتعليقات كلها ممتازة. ولكن السؤال الآن هو ماذا نفعل حتى لا نقع وأهالينا ومن نحب ضحية لهؤلاء المجرمين؟
خالدخميس، AE، 06/02/2006
الله يرحم جميع الأموات. المنقذ في مثل هذه الكوارث هو المنظمات الدولية وهيئة الأمم وأميركا فقط، أما المحاسبة والاستقالة من السلطة المختصة فصدقوني إنها حلم لا يمكن تحقيقه.
محمد حسن محمد ابراهيم، EG، 06/02/2006
بالنسبة لمقالك أحييك عليه، ولكن منذ متى كان عند العرب ثقافة الاستقالة والمحاسبة عند وقوع الكوارث ؟
محمد سعد، US، 06/02/2006
يبدو أن حياة الإنسان العربي لا تساوي كثيراً عند أولي الأمر . وهم دائماً يعتمدون على نعمة النسيان والتي أعتبرها نقمة لا نعمة ، فبقدر ما ساعد النسيان أهالي الضحايا الأبرياء على التخفيف من آلامهم بقدر ما يساعد ذلك بعض الوحوش الآدمية على استمرارهم في التكالب على المال والجاه حتى ولو كان على حساب أرواح الضحايا الأبرياء ، وحسبي الله ونعم الوكيل.
محمد بن عامر، US، 06/02/2006
السيد الربعي لا فض فوك. على المتضررين وأهالي المفقودين رفع قضية أمام القضاء المصري ضد كل المسئولين .
أحمد الربعي
مقالات سابقة
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home