http://www.arabgate.com/more/7/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/2760/%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A4%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A9-%D9
تساؤلات حائرة في حادث غرق العبارة المصرية. بقلم: السيد أبو داود.
08 - فبراير - 2006
حادث غرق العبارة المصرية 'السلام 98' وموت أكثر من ألف شخص في مياه البحر الأحمر يفتح الباب واسعاً على حالة الإهمال واللامبالاة وانعدام التخطيط وتطبيق القانون واللوائح والاشتراطات الفنية، ويعكس بشكل كبير فساد وتدني مستوى الإدارة في بلادنا.
إن الحوادث تقع كل يوم بسبب ضعف المسئولية ونقص المحاسبة، وقدرة المخطئ على أن يفلت من العقوبة، فتتكرر أخطاء الجهلة وجرائم المخالفين.
إن غالبية العبارات المصرية منتهية العمر الافتراضي ولا تتمكن من دخول بعض الدول الأوروبية باستثناء عبارتين ملك القطاع العام هما اللتان ينطبق عليهما قانون العمر الافتراضي المصري وبرغم أن مالكي العبارات يحققون عشرات ومئات الملايين فإنهم يقومون بتشغيل عبارات مستعملة يتم شراؤها من الخارج.
هناك أكثر من20 عبارة تعمل في خطوط الملاحة السويس ـ سفاجا ـ نويبع, وهذه العبارات تتركز أغلب رحلاتها بينما بين السعودية والعقبة وتنقل سنويا أكثر من2.6 مليون راكب، ويبلغ ربح الشركة من الراكب الواحد نحو300 جنيه.
ويعمل في هذا المجال العديد من الشركات تأتي علي رأسها مجموعة شركات السلام للملاحة البحرية [صاحبة العبارة الغارقة] والتي يملكها عضو مجلس شورى، وهذه الشركة تملك 14 عبارة تعمل في البحر الأحمر وجميع هذه العبارات ترفع أعلاما غير مصرية مثل بنما واليونان وغيرهما.
ومالك العبارة يأتي بعبارات مستعملة ولا يشتري العبارات الجديدة لأن ثمن العبارة الجديدة يصل إلي مائة مليون جنيه والمستعملة تبدأ من40 مليون جنيه، وهو يستطيع أن يعوض ثمن المركب المستعملة في عامين أما المركب الجديدة فلن يستطيع تعويض كامل الثمن قبل ما يقرب من سبع سنوات.
ملاك السفن يضربون بمسألة العمر الافتراضي عرض الحائط مع العلم أن جسم السفينة يتعرض إلي ما يسمي الكلل التي ينتج عنها شروخ تؤدي إلي حدوث كسور هشة مما قد يؤدي إلي غرق السفينة بالكامل في أي وقت.
إن ملاك السفن لدينا يقومون بشراء العبارات كنوع من الخردة وينفقون عليها مبالغ محدودة ثم يقومون بتشغيلها ويحصلون لها بكل أسف علي شهادات صلاحية وفي النهاية يدفع الراكب عمره ثمنا لهذا الجشع وهذه الأخطاء.
وللأسف فإن من يدفع فاتورة الترف واللامبالاة في بلادنا هم دائما الفقراء من يتسطحون العبارات ويستلقون فوق أسطح القطارات.. لا أحد يحب المغامرة بحياته ليوفر بعض الجنيهات ولكنه ضيق ذات اليد.
الفساد والربح الحرام
جوهر هذه الحالة الكارثية التي نعيشها يعود بالأساس إلى تفسخ مجتمعاتنا وانهيار مؤسساتها، وشيوع الفساد والتربح الحرام في ثناياها الهيكلية وانتشاره داخل قطاعات متزايدة من المجتمع ذاته.
لقد تردى الوضع حتى باتت ثقافة الفساد واللامبالاة وانعدام المسئولية وغياب الضمير هي السائدة.
وفى ظل هذا المناخ البائس انتعش اللصوص الذين ركزوا كل همهم في نهب
ما يمكن نهبه من ثروة الوطن، دون أدنى اعتبار لنتائج ذلك كله على المجتمع.
كل الروايات التي سمعناها عن غرق العبارة، هي شهادات دامغة عن الاستهتار، كما أن الطرق البدائية التي تمت فيها عمليات الإنقاذ والإسعاف والتعامل الإعلامي مع القضية وتوصيل المعلومة إلى أسر الضحايا، تدل على أن ثقافة الاستهتار هي السائدة.
الذي حدث هو جريمة ، وهي استمرار لجرائم أخرى من حوادث القطارات إلى انهيار العمارات السكنية، إلى سقوط الطائرات، وفي مجتمعات لا أحد فيها يحاسب أحدا، وليس فيها احترام لقيمة الإنسان، يتم تصوير كل جريمة فيها، بأنها قضاء وقدر، في محاولة لتبرئة المجرمين الحقيقيين. نقول في مجتمعات تحمل هذه الثقافة، تكون حياة الإنسان دائما آخر ما يفكر فيه متخذو القرار، ويكون الانضباط والمسئولية من الفرائض الغائبة في المجتمع على كل المستويات.
أسئلة بريئة
ما أرخص أرواحنا على حكوماتنا السنية.. إن هناك العديد من الأسئلة والتساؤلات لابد من التوقف عندها والعديد من علامات الاستفهام مازالت تحلق في سماء الحادث، باحثة عن الإجابة قبل أن تسقط راقدة في قاع البحر الأحمر مع جسم العبارة وجثث الضحايا.
أولاً: نسأل عن عمر العبارة الذي تعدي خمسة وثلاثين عاما في حين أن القانون المصري لا يسمح للسفينة أو العبارة بالعمل إذا تعدي عمرها خمسة وعشرين عاما فقط، والسؤال لماذا نسمح بعملها في نقل الركاب المصريين وغيرهم من الموانئ المصرية، ونحن نعرف أن عمرها يزيد بعشرة أعوام علي الأقل عن حد الأمان المصري؟.
ثانياً : لماذا نسكت عن شركة تلتف حول القانون المصري، وتذهب لتسجيل سفنها وعباراتها في بنما لأسباب واضحة للجميع وهي عدم مطابقة هذه السفن لمواصفات الأمان المصرية، ثم تعود إلينا رافعة العلم البنمي لتنقل أبناءنا وتغرق بهم في قاع البحر؟.
ثالثاً : هل صحيح أن هذه الشركة قد أضافت لهذه العبارة المنكوبة ثلاثة طوابق جديدة منذ فترة وجيزة، وأن هناك احتمالا بأن هذه الإضافة قد أثرت علي قدرة العبارة علي الاحتفاظ بتوازنها وسط الأمواج والعواصف البحرية، مما أدي في النهاية إلي ما حدث؟!
رابعاً : ماذا بشأن تقرير شركة 'لويدز' الذي يؤكد أن العبارة غير مطابقة لمواصفات الأمان اللازم توافرها في السفن والعبارات الأوروبية؟!
خامساً : هل صحيح أن عمليات التفتيش علي مثل هذه العبارات لا تتم علي الوجه الأكمل طبقا لما قاله أحد أعضاء مجلس الشعب في اللجنة التي ناقشت بالمجلس هذه القضية؟!
سادساً : أين كان رجال برج مراقبه ميناء سفاجا منذ الساعة 2200 يوم 2/2/2006 حتى الساعة 200من يوم 3/2/2006 ، وأين كان الاتصال الاسلكى؟.
سابعاً : أين كان قبطان السفينة سانت كاترين الذي تلقى الاستغاثة أثناء رحلته من سفاجا إلى ضبا؟ ولماذا لم يبلغ ميناء سفاجا وميناء ضبا لاسلكيا في ذات التوقيت حتى يتم النداء على السفينة المنكوبة؟.
ثامناً: لماذا لم تخرج الطائرات الهليكوبتر التابعة لمركز البحث والإنقاذ منذ الساعة 200 من صباح الجمعة؟.
تاسعاً: أين أطواق وقوارب النجاة، والتي لم توزع إلا على بعض الركاب، وقبل الغرق بلحظات؟.
عاشراً: من المؤكد أن صفارة الإنذار وجميع أجهزة الإنذار كانت لا تعمل أو بها خلل... فلماذا؟ ومن المسئول عن ذلك؟ ومن المسئول عن المحاسبة؟.
حادي عشر : من المسئول عن قدم وتهالك جسم السفينة وقلة الصيانة ونقص الإمكانات اللازمة لمواجهة أية كارثة مما أدى إلى حدوث خلل في المحركات؟.
ثاني عشر: من المسئول عن قلة خبرة طاقم السفينة والذي تؤكد الشواهد أنه وراء كل حوادث الغرق التي تعرضت لها العبارات المصرية؟.
ثالث عشر: من المسئول عن السماح للعبارة بالتحرك وهي تحمل هذه الحمولة
الزائدة [حوالي 1400 راكباً و 220 مركبة وشاحنة]؟.
رابع عشر: من المسئول عن تشغيل هذه العبارة وأمثالها بين موانينا رغم أن الموانئ الأوربية ترفض استقبال أية باخرة انتهى عمرها الافتراضي، مما يجعل هذه البواخر تأتي بعد ذلك للإبحار في مياه البحر الأحمر بين الموانئ المصرية والسعودية تنقل الحجاج والمعتمرين والغلابة العاملين في السعودية, وبعض الأخوة السعوديين الذين يسافرون للسياحة بعد ارتفاع أسعار تذاكر الطيران؟.
خامس عشر: لماذا لا تقوم السلطات المصرية والسلطات السعودية بمراجعة جودة كافة العبارات التي تعمل على هذا الخط البحري والتأكد من سلامتها الفنية وأنها لا تحمل أكثر من حمولتها المقررة؟.
سادس عشر: من المسئول عن قبول الموانئ المصرية لدخول تلك البواخر والعبارات بصرف النظر عن مدي توفير تغطية تأمينية عليها وركابها ؟.
سابع عشر: لماذا هذه التفرقة الصارخة بين التعويضات التي تصرفها الشركات لضحاياها في حالات الحوادث بمنطقة الشرق الأوسط ومن ضمنها مصر والتعويضات لركابها فيما وراء البحار خاصة الولايات المتحدة الأمريكية؟.
ثامن عشر: خروجاً من نزيف حوادث غرق العبارات المستمر لماذا لا تسند إدارة وتشغيل جميع الموانئ المصرية إلى شركات أجنبية لها سمعة عالمية، إلى أن نستطيع أن نستأصل الفساد المستشري في جميع الموانئ، وإلى أن يكون لدينا كوادر مدربة، وحتى نرتفع بإجراءات الأمان لدينا إلى المعدلات العالمية؟.
تاسع عشر: لماذا لم يقم طاقم العبارة بإخلائها بعد اندلاع الحريق على متنها؟.
السؤال العشرون: لماذا لم يرجع القبطان لميناء ضبا السعودي، خاصة وأن بعض الناجين أكدوا أنه أمكنهم رؤية الميناء السعودي عندما اندلعت النيران في السفينة، لكنها استمرت في الإبحار؟.
السؤال الواحد والعشرون: فور فتح باب التبرعات تم جمع 50 مليون جنيه في ظرف 48 ساعة فقط، وقد أعلنت الحكومة أن التعويضات هي 30 ألف جنيه للمفقود و15 ألف جنيه للناجي، فأين ستذهب باقي التبرعات؟.
أسئلة كثيرة لم تسأل حتى لا تنزلق أقدام تجر معها مسئولين يجرون معهم منتفعين.
مصدر الموضوع : (مفكرة الاسلام)
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home