http://alwatanvoice.com/articles.php?go=articles&id=37336
أول صور تنشر لغرقى العبارة المصرية
عدد القراءة : 8820 Thursday ,16 February - 2006
غزة-دنيا الوطن
جنود مجهولون كانوا وراء محاولات انقاذ ركاب العبارة المنكوبة.. شركة ملاحية خاصة تطوعت بالمهمة الانسانية.. وبالفعل انقذوا خمسة ركاب كانوا في قبضة الموت.. قضوا 72 ساعة بين الأمواج بلا نوم.. شاهدوا قصصا انسانية يشيب لها شعر الرأس.. انتشلوا أكثر من 150 جثة كانت طافية فوق المياه.. وكشفت رحلاتهم عن مفاجآت مثيرة تطابقت مع تحقيقات النيابة.. أخبار الحوادث تنفرد باسرار هذه الرحلات وتقدم التفاصيل الكاملة لعمليات انتشال الاحياء وانتشال الجثث التي كان بعضها مشوها مما يشير إلي ان أسماك القرش طالت بعض هذه الجثث والتهمت اجزاء منها!بعد ساعات قليلة من اكتشاف حادث غرق الباخرة السلام تحركت إحدي شركات النقل الخاصة لمساعدة القوات البحرية في عمليات الانقاذ. وأنتشال الجثث. حكايات الضحايا .. والذين تم انقاذهم تبكي العيون.. وتدمي القلوب.. أكثر من 72 ساعة متواصلة قضاها رجال الانقاذ علي الباخرة ردس جيث.. والباخرة المتحدة واحد بلا نوم.. 'أخبار الحوادث' انفردت بتفاصيل هذه الرحلات ..وكذلك صور تنشر لأول مرة من موقع الحادث علي بعد 60 ميل بحري من ميناء سفاجة!كشف مسئول الشركة بعض سلبيات مسئولي الميناء التي تسببت في تأخر عمليات الانقاذ.. ومن موقع الحادث بدأت عمليات انتشال الجثث.. وعشرات القصص الانسانية التي رواها المصابون الذين تم انقاذهم!الحوار كان مؤلما بين القبطان طارق جمال وطاقم الانقاذ بالباخرة ردس جيث وبين احد الاشخاص الذين تم انقاذهم من الموت في حادث العبارة السلام .98بكي الشاب محمود وهو يحكي قصته لطاقم الباخرة قائلا¢:'حينما بدأت السفين تغرق تعلقت بطوق نجاة.. فجأة وسط الامواج المتلاطمة لمحت طفلا في الثامنة من عمره يصرخ طالبا مساعدته.. تمكنت بصعوبة بالغة من التقاط يده.. وتعلقت به بإحدي يداي.. وباليد الاخري أمسكت طوق النجاة!مضت ساعات طويلة ونحن في المياه الغاضبة.. بدأت قوي الطفل تخور.. وكذلك أنا اصابني التعب.. وكدت أفقد الأمل تماما في البقاء علي قيد الحياة!يزداد بكاء محمود وهو يكمل:قبل نصف ساعة من وصول زورق الانقاذ أصاب الطفل الاعياء.. وبدأ يقول 'ياعمو سيبني أموت.. خلاص ما فيش أمل'.. لم تزدني كلماته سوي المزيد من التعلق به.. والتمسك بالحياة.. وفجأة أنتهي كل شيء!يكمل محمود وهو يحكي قصته لرجال الانقاذ:'فجأة دفعتني موجة قوية لطمت وجهي.. وكذلك وجه الطفل.. نظرت إليه وأكتشفت أنه فارق الحياة!حينما أنهي محمود حكايته كانت حالة من البكاء الهستيري تكسو الوجوه.. وصلت الباخرة رد للشاطيء.. لم يهتم محمود بشيء سوي الذهاب لثلاجة الشهداء من الغرقي لالقاء نظرة الوداع الاخيرة علي الطفل 'وائل'.. رغم انه قبل هذه الرحلة لم يكن يعرفه!هزت هذه القصة مشاعر طاقم الانقاذ.. بدأوا عملهم بعد الحادث بساعات قليلة حينما قام القبطان طارق جمال المستشار التنفيذي للشركة المتحدة للنقل البحري بالاتصال بقيادة القوات البحرية في ميناء سفاجة.. عرض عليهم المساعدة في عمليات الانقاذ مستخدما أمكانيات الشركة من الزوارق.. والسفن الحديثة!علي الفور وافق قائد القوات البحرية اللواء أحمد نجيب.. وقام القبطان طارق بالاتصال بقائد السفينة المتحدة واحد.. طلب منه اعداد حالة الاستعداد القصوي.. وتجهيز السفينة بسرعة.. وقررت القوات البحرية تموين سفن الشركة بالماء والوقود!في صباح السبت تحركت السفينة متجهة إلي 60 ميل شمال سفاجة بأتجاه 45 درجة.. تلك المنطقة المرعبة التي يتجاوز عمقها 900 متر حيث ترتع أسماك القرش.. وحيث غرقت السفينة السلام وعلي متنها المئات من الابرياء!المشهد المؤلمبعد ساعتين ونصف وصلت الباخرة التي كانت تنطلق بسرعة 30 عقدة.. المشهد كان مؤلما.. عشرات الجثث طافية فوق الماء.. القوات البحرية علي الجانب الآخر تقوم بوظيفتها علي أكمل وجه!عمليات انقاذ الضحايا مستمرة.. نجحت أطواق النجاة التي ألقت بها طائرات القوات المسلحة في أنقاذ العشرات.. وبواسطة أحبال وخطافات سمكية تمكن الغواصين من أنتشال عشرات الجثث.. و5 ناجين يرتدون 'لايف جاكيت' وهي سترات أنقاذ بها لمبة تضاء بواسطة بطارية تحدد أماكنهم في الظلام!كان في انتظار فريق الغواصين مفاجأة قاسية.. عدد كبير من الضحايا كانوا يرتدون سترات الانقاذ.. ولكنها لم تنقذهم.. ماتوا بداخلها بعد أن تناولوا كميات كبيرة من الماء المالح!الأكثر إثارة أن عدد كبير من 'الرماثات' وهي أطواق نجاة بلاستيك كان ملقي في الماء دون أن يفتح أوتوماتيكيا.. وأكتشف فريق الانقاذ أن عدد كبير من اطواق النجاة.. لايف جاكيت والرماثاث' فاسدة.. وأغلبها من ماركات مجهولة.. الا عدد بسيط منها.. وهي الأطواق التي ألقت بها طائرات القوات المسلحة.. وهذا يبرر أن أطواق النجاة لم تنقذ الأرواح!استمرت رحلة الباخرة الأولي 'المتحدة 1' 26 ساعة متواصلة.. تم انتشال 30 جثة.. و5 أحياء عادت بهم الباخرة إلي ميناء سفاجة قبل أن تسرع الباخرة رد من جيت للانطلاق في طريقها إلي الرحلة الثانية.. الظلام كسا الأفق.. طائرات القوات المسلحة كانت تلقي بأعمدة دخان في أماكن الجثث التي يتم أكتشافها.. أو بعض الإحياء الذين يرتدون 'لايف جاكت'!أنتشلت الباخرة عددا من الجثث.. مات الشهداء من البرودة.. وشرب الماء المالح.. وجثتهم كلها كانت سليمة في ثاني أيام الحادث.. ولكن ثالث أيام الانقاذ كان يحفل بمفاجآت مثيرة لفريق الغواصين علي بواخر الشركة!حينما وصلت الباخرة ردس جيت لموقع غرق السفينة لاحظ فريق الغواصين ان عشرات الجثث بدأت تطفو من جديد في مكان الغرق.. أسماك القرش المتوحشة.. واسماك البراكودا التهمت أجزاء كبيرة من أجساد.. ووجوه الغرقي!لم يستطع أحد الغواصين القفز في الماء.. لأن بعض الجثث كانت غارقة في أعماق سحيقة لايستطع أي غواص الوصول إليها.. بينما تم أنتشال كل الاحياء.. وكل الجثث بواسطة الأحبال.. وباقي وسائل الأنقاذ.. وبعض الأوناش!الرحلة الثالثة!المركب الثالثة للشركة استمرت رحلتها 27 ساعة متواصلة وعادت للميناء وعلي متنها 89 جثة لم يكن بينهم أحياء.. جثتان منهما أثارت مشاعر الجميع لأب كان يحتضن ابنته الصغيرة التي لايتجاوز عمرها 7 سنوات!مات الأب.. والأبنة.. وألتصقت الجثتان.. لم يفلح رجال الأنقاذ في فصلهما.. لأنهما كانا في حالة تيبس.. حاول أيضا الأطباء الشرعيين فصل الجثتين ولكن بلا جدوي!أضطر المسئولون في الميناء لوضع جثة الأب.. وابنته في كيس واحد.. تمهيدا لأخذ عينات من الحامض النووي للاستدلال علي شخصيتهما!أخبار الحوادث إلتقت مع القبطان طارق جمال المشرف علي عمليات الانقاذ.. وسألته لماذا كان التأخير في عمليات الانقاذ.. فقال:لم يكن هناك أي تأخير في عمليات الانقاذ.. ولكن التأخير كان في الابلاغ عن أختفاء السفينة.. ويجب أن نحاسب المقصر.. هناك أحاديث كثيرة عن عدم وجود أشارات استغاثة من السفينة الغارقة.. وهذا يثير الدهشة.. لأنه يوجد بالسفينة عدة أجهزة لاسلكي.. كذلك هواتف خلوية عديدة!ميناء سفاجة مسئول عما حدث لأن السفينة لم تأت في موعدها الساعة الثانية والنصف صباحا.. كان من المفترض أن تتحرك جميع الاجهزة في هذا التوقيت بحثا عن السفينة.. ولايجب تعليق شماعة الحادث علي القبطان صلاح جمعة قائد الباخرة سانت كاترين.. لأنه حينما غادر الميناء كانت السفينة قد غرقت!يكمل القبطان طارق:حينما وصلته اشارة من طوق بلاستيك كان علي بعد 25 ميل من السفينة.. ولم يكن يملك العودة لأنه سيعرض أرواح 1800 راكب لخطر داهم.. فأنه لو ألقي أطواق نجاة لركاب السلام 98 لاصبح ركاب سفينته بلا وسائل أمان في مناخ بحري سييء.. وكانت الكارثة قد أزدادت!تصرف صلاح بشكل مثالي حينما أبلغ الجهات المسئولة فطلبوا منه استمرار رحلته.يواصل القبطان طارق حديثه قائلا:هناك مواقف عظيمة قام بها أهالي سفاجة.. كشفت عن جوهر أصيل للانسان المصري.. منهم صاحب محل حديد.. طلبنا منه تصنيع ونش حديد لالتقاط الجثث.. والغرقي.. أنجز ما طلبناه في وقت قياسي.. طلبنا منه فاتورة الحساب فرفض بشدة أن يتقاضي مليما.. أخبرنا إنه يحتسب عند الله أجره.. وأكد لنا أن ما فعله مساهمة بسيطة لأسر المفقودين.. والضحايا!كذلك طاقم المراكب البالغ عددهم 26 من الغطاسين.. وقادة السفن.. كلهم لم يذوقوا طعما للنوم منذ يوم الحادث.. أخذوا عهدا علي أنفسهم الا يخلدوا للنوم الا بعد أنتهاء أعمال الأنقاذ.. كلهم تحركت مشاعرهم حينما شاهدوا الألوف من أقارب ركاب السفينة.. والدموع بعيونهم وهم يبيتون ليلتهم في العراء.. علي الأرصفة أمام الميناء في انتظار أي معلومة.. حتي لو كانت جثة.. ابنهم.. أو شقيقتهم!*اخبار الحوادث
=====================================================
رحـلـــــة المـــــــوت
الجزء الثــاني
الساعات الحاسمة قبل الغرق
تحركت الباخرة 'السلام 98' من ميناء ضبا السعودي في حوالي
الثامنة من مساء الخميس قبل الماضي، كانت الباخرة مزدحمة
للغاية، ذهب كل الركاب إلي أماكنهم المحددة، وقبيل العاشرة
بقليل كان هناك انبعاث للدخان من أسفل الباخرة وتحديدا في
منطقة المواتير.. تساءل بعض الركاب منزعجين، فقيل لهم: لا
تقلقوا سنطفئها بعد قليل
كانت خراطيم المياه قد بدأت في إلقاء كميات كبيرة من المياه
بهدف إطفاء النيران بعد أن عجزت أنابيب الإطفاء البالية عن القيام
بدورها، في هذا الوقت أجري قبطان السفينة صلاح عمر اتصالا
بإدارة الشركة يبلغها فيه باندلاع الحريق، اقترح أن يعود مرة أخرى
إلى ميناء 'ضبا' فالمسافة قليلة قياسا بالمسافة بين موقع
السفينة وميناء سفاجا جاء الرد من الشركة بالرفض !!، وكانت
المبررات أن ذلك قد يتخذ كأداة ضد الشركة خصوصا أن باخرة
أخري هي 'السلام 95' كانت قد غرقت في قناة السويس في 17 أكتوبر
الماضي
***
حاول القبطان إقناع إدارة الشركة بالعودة، قال: إنه يشعر بالخطر
وأن النار قد تمتد، وأن الرياح عاتية، إلا أن صاحب الباخرة كانت له
كلمته الواضحة وإلا فسوف تعزل
ذهب وفد من الركاب قابلوا القبطان، طالبوه بالعودة مرة أخرى
إلى ضبا كانت كلماته واضحة : 'أنا أدرى بالباخرة ولن أعود'!! ظل
الوضع هكذا لفترة من الوقت، أصر القبطان علي المضي باتجاه
ميناء سفاجا، بعد نصف ساعة اشتعلت النار مرة أخري، بدأت
عمليات الإطفاء بخراطيم المياه من جديد
***
كانت كل المؤشرات تقول: إن هناك شررا تطاير من المولد
الكهربائي الخاص بالعبارة أو من سيارات النقل الثقيل التي
تحتوي علي وحدات تبريد تعمل بالسولار وكان الحريق في هذه
المرة أكثر اشتعالا وأشد قسوة، وكان يفترض على القبطان أن
يعود دون انتظار للأوامر.. لكنه اتصل مرة أخرى وأبلغهم بخطورة
الموقف، لكن أصحاب الشركة قالوا له عليك بخراطيم المياه
تراكمت المياه في الجراج ولم تتمكن بالوعات التصريف من القيام
بدورها فقد انسدت هي الأخري وبدأت السفينة تميل من 8 درجات
إلى 12 درجة ثم إلي 20 درجة ووصل بذلك إلى مرحلة الخطر
***
كانت السفينة في حالة يرثى لها، إنها سفينة بالية، لا
تصلح للسفر في هذه المناطق، كانت سفينة لنقل البضائع، لكنها
تحولت بقدرة قادر إلى سفينة تنقل آلاف البشر
***
السفينـــــة
كانت الباخرة 'السلام 98' واحدة من خمس عبارات تم تجديدها
بإيطاليا عام 91، أضيفت لها أدوار عديدة ولم تحصل على ترخيص
للملاحة إلا بعد شرائها، فراحت تعمل على خط سفاجا ضبا ليل
نهار.. وأيضا علي خطوط أخري في موانئ شرق البحر المتوسط
ولأن صاحب السفينة 'نهم' فقد ألغى الجراج العلوي المخصص
للسيارات وقام ببناء كبائن درجة ثانية بطريقة غير مطابقة
للمواصفات
والغريب أنه عندما احتاج إلي وجود غرفة مولدات إضافية، قام
ببنائها أسفل هذه الكبائن وتلك هي المصيبة.. ومع ذلك حصل
على التصريح اللازم
***
لقد حدث لهذه السفينة حريق في نفس المكان وبجوار غرفة
المولدات المنشأة، وكان بالعبارة يومها ما يزيد على 2800 راكب
من حجاج ومتخلفي عمرة رمضان، وقد تم إطفاء الحريق
والسيطرة عليه بعد 4 ساعات . إن المصيبة أن راكب الكبائن
والبولمان في هذه السفينة لا يمكنه الخروج إلي السطح
والعكس -كما يقول ضابط بحري كبير- صحيح فراكب السطح لا
يستطيع أن يدخل الكبائن، ولذلك يحدث الارتباك الشديد في حال
وقوع الكوارث، كما حدث خلال الكارثة المفجعة الأخيرة
وهناك أيضا قضية تغيير الأطقم المستمرة من سفينة إلى أخرى
فما دام الفرد يعمل بنفس الشركة الأمر لا يهم، وبالتالي لا يكون
هناك وقت للمناورات بالبحر ولا لإعطاء إرشادات للركاب بحجة أنهم
نوعيات من البسطاء لا تستوعب ما قد يحدث، وعلى العكس من
ذلك يتم عمل هذه المناورات في البحر المتوسط في حال سفر
العبارات هناك.. ومن ثم يكون أفراد الطاقم من ضباط وبحارة
ومهندسين وميكانيكيين هم فقط الذين يسمح لهم بالسفر في
المتوسط، على العكس من ذلك البحر الأحمر حيث تجري
الاستعانة بأفراد المطاعم والكافيتريات وشخصيات لا تمتلك الخبرة
الكافية يدفع لهم صاحب الشركة مبالغ مالية ضعيفة للغاية وليس
لهم حقوق مادية أو أدبية عند الإصابة أو غيرها
***
وهذه السفينة التي يبلغ عمرها أكثر من 35 عاما تم شراؤها
بمبلغ لا يزيد علي 2 مليون جنيه تحمل علم بنما حتى تستطيع
الهروب من كافة إجراءات الأمن والسلامة ودفع الضرائب وحقوق
الأطقم كل ذلك مقابل مبالغ مالية يدفعها الملاك لهذه الدولة
إن أي سفينة تبحر في العالم لابد أن تكون تابعة لهيئة إشراف
وعددها 11 هيئة منها خمس تسمي 'بالخمسة العظماء' وأبرزها
هيئة اللويدز (بريطانية), وهيئة
D. N. V: نرويجية
وجير مينش لويدز (ألمانية) أما هيئة رينا (الإيطالية) والتي أعطت
الباخرة 'السلام 98' الترخيص فهي من أضعف هيئات الإشراف
في العالم.. بل هي التي أعطت شهادة سلامة لناقلة البترول
المالطية 'أريكا' والتي انشقت إلي نصفين قبل ست سنوات
وتسببت في مد بحري أسود من البترول. وليس صدفة أن شركة
لويدز ريجستر المتخصصة في الملاحة البحرية قد أكدت في بيان
لها أن السفينة 'السلام 98' في خريف عمرها ولا تستوفي معايير
السلامة المطبقة في الاتحاد الأوربي مما جعلها ممنوعة من
الملاحة في المياه الأوربية
***
كان طبيعياً والحال كذلك أن يحدث خلل في اتزان السفينة بعد
إغراقها بكميات هائلة من المياه، ذلك أن السفينة يفترض أن
تسلك طريقها باتزان معين، وهنا نجد أنفسنا أمام ثلاثة احتمالات
أساسية للغرق وفقا لوصف خبير بحري كبير
الأول: أن تكون السفينة ونتيجة تكدس المياه في أحد أجنابها قد
مالت وقام الربان بالدوران في اتجاه عكس اتجاه الميل، أو دفع
بالركاب كما قيل إلي الانتقال من جانب إلي جانب لإحداث التوازن
إلا أن ذلك سبب الانقلاب المفاجئ
الثاني: أن تكون السفينة قد وصلت إلي ما يعرف بالاتزان
الحرج، وهو أخطر حالات الاتزان، وفي هذه الحالة لا يكون
للسفينة أي ذراع استعدال
الثالث: أن تكون الأوزان قد زادت، وعندما تزيد الأوزان يفقد الطفو
الاحتياطي المصممة عليه المركب بسبب زيادة الأوزان
***
ووفقا لروايات الشهود والمحللين يبدو أن السبب الأول كان هو
وراء غرق السفينة في مدة زمنية لم تزد على 15 دقيقة
لقد أعطى طول عمر السفينة وتهالكها الفرصة لإحداث بعض
الثقوب نتيجة الانفجارات لتدخل منها المياه الغزيرة إلى داخل
السفينة وبالرغم من أن كل المؤشرات كانت تنذر بالخطر إلا أن
إجراءات الأمان لم تتحقق، ومعظم الرماثات لم تفتح، وذلك بسبب
أن محطته التي يمتلكها في السويس هي التي تقوم بعمل
الصيانة لهذه الرماثات
لقد ذكر أنه كان هناك 88 رماثا يستوعب الواحد منها حوالي 20 فردا
ولكن يبدو أن المواصفات الفنية للرماثات لم تكن متوافرة
ومن ثم فالاحتمال الأرجح هو أن يكون الرماث منتهي الصلاحية
فتكون الزجاجة التي تحتوي علي غاز مضغوط مسربة للغاز
الموجود بها، فلا يتم فتح الرماث ويؤدي إلي الغرق وهذا ما حدث
***
هناك نقطة أخري تكشف عن حجم الأخطاء التي ارتكبت لقد
أطفأوا الحريق الناتج عن تسرب الوقود بالجراج بواسطة مياه
البحر وهذا خطأ جسيم يدل علي عدم وجود مناورات وتدريبات
للتعامل مع الحريق، فالوقود أخف من الماء، وعند إطفاء الوقود
المشتعل بالماء يطفو الوقود المشتعل علي سطح الماء ويؤدي
بفعل الكميات الكبيرة من المياه إلى نشر الحريق وهذا هو ما
حدث وكان من الممكن الإطفاء بالرغوة أو البودرة ولكن ذلك لم
يحدث لأنه وببساطة لم تكن هذه المواد متواجدة
***
لماذا تأخرت عملية الانقاذ ؟
بعد أن ابلغ القبطان صلاح جمعة قائد سانت كاترين ادارة الشركة
وتحديدا نائب رئيس مجلس الادارة عمرو ممدوح إسماعيل بواقعة
غرق السفينة 'السلام 98' في حوالي السابعة صباحا.. قام عمرو
بالاتصال باللواء محفوظ طه رئيس هيئة مواني البحر الأحمر وابلغه
باختفاء الباخرة 'السلام 98' ولم يقل انها غرقت رغم علمه بذلك
ساعتها طلب اللواء محفوظ طه من عمرو ممدوح إسماعيل أن
يصدر قرارا بارسال عدد 2 لنش تمتلكهما الشركة سرعتهما '30
عقدة' للبحث عن السفينة، خاصة أن هذين اللنشين اسرع من أي
وحدة بحرية أخرى، وقد وعد عمرو بتنفيذ ذلك
في هذا الوقت قام اللواء محفوظ طه بالاتصال بميناء سفاجا
ليستفسر عن الأمر، ثم بدأ يجري اتصالا بميناء ضبا، وفي السابعة
وعشر دقائق اتصل بقائد القوات البحرية المنوب وابلغه باختفاء
الباخرة واحتمال طلب النجدة للانقاذ، في السابعة والثلث كان
هناك نص اشارة جرى اعداده للابلاغ ويقول النص 'غادرت العبارة
السلام 98 ميناء ضبا سعت 2000 يوم 2/2/2006 وننتظر وصولها
سعت 300 يوم 3/2، لم يتم تحقيق اتصال حتى الآن تطلب شركة
السلام تنفيذ بحث على نفقة الشركة تتعهد هيئة المواني بدفع
أي تكلفة
تم اعداد الاشارة ولكن لم يتم ارسالها في هذا الوقت تحديدا
انتظارا لمعرفة الرد النهائي من الشركة التي ظلت تتكتم علي
غرق السفينة التي قطعت معها الاتصالات نهائيا في تمام الواحدة صباحا
وفي السابعة و45 دقيقة صباح الجمعة، قام عمرو ممدوح
إسماعيل باجراء اتصال آخر باللواء محفوظ طه رئيس هيئة
المواني وابلغه أن الباخرة 'السلام 98' قد غرقت، وقال إنه تأكد
من هذه المعلومة من خلال قائد السفينة سانت كاترين والذي
ابلغه بهذه المعلومة في السابعة صباحاً
في السابعة و47 دقيقة كانت هيئة مواني البحر الأحمر قد تلقت
التعليمات من رئيس الهيئة بارسال الاشارة المعدة فورا إلى
القوات البحرية وإلى هيئة البحث والانقاذ
شعر محفوظ طه بخطورة الموقف
انتقل علي الفور من السويس إلى ميناء سفاجا
أجري اتصالا جديدا بعمرو ممدوح إسماعيل، سأله هل ارسلت
اللنشين للمساعدة في انقاذ الركاب؟ تعلل عمرو إسماعيل في
هذا الوقت بأن اللنشين ينتظران التموين، وبعد ذلك اتضح أنه
رفض ارسالهما لانقاذ الركاب
كان الوقت يمر بطيئا وكان الناس يموتون غرقا في عرض البحر
ومن نجا منهم كان ينتظر الانقاذ وسط أمواج عاتية
كانت الثواني محسوبة، وفي كل دقيقة كان هناك من يموت
بعد أن يفقد قدرته علي التواصل والاستمرار
بينما كان ممدوح إسماعيل ونجله يتعاملان مع الكارثة بقلب بارد
***
بعد قليل من ابلاغ القوات البحرية بما جرى، صدرت التعليمات
بالاسراع بعملية الانقاذ، ووفقا للتقديرات فإن استعداد الوحدات
البحرية للانقاذ يستلزم نحو ساعة تقريبا، والخروج من الرصيف
حتي البانوراما خارج الممر الملاحي يستلزم 45 دقيقة، أمّا
المسافة من البانوراما وحتى موقع السفينة حوالي 70 ميلا
تقطعها المدمرة في نحو 5 ساعات حتي تتمكن من الوصول
***
في البداية ذهبت القوات إلي الموقع المحدد ثم اتضح انه ليس
هو المقصود، فاضطرت إلي البحث في الموقع الآخر وقضت
حوالي ساعة ونصف إلي ان وصلت إلي هناك، أي أنها من
الناحية العملية أمضت ست ساعات ونصف الساعة منذ صدور
الأوامر إليها حتي وصلت إلي المكان المحدد لتمارس مهمتها في الانفاذ
كان ضحايا العبارة من الناجين والغرقي قد تبعثروا على
مسافات طويلة في هذا الوقت وكان على سفن الانقاذ ان تبحث
بسرعة (25 عقدة) وليس أكثر والا فلن يتمكنوا من رؤية أي من
الناجين أو الغرقي، وهكذا بدأت المهمة التي لا تزال مستمرة
حتى الآن والتي اسفرت فقط عن نجاة 388 راكبا بينما أصبح
الآخرون جميعا في عداد الشهداء
***
هنا تتحمل الشركة ورئيس مجلس ادارتها ممدوح إسماعيل ونجله
عمرو نائب رئيس مجلس الادارة المسئولية الأولي في عدم
الابلاغ عن اختفاء السفينة منذ وقت مبكر من مساء يوم الخميس
وعدم الابلاغ عن غرقها بعد عدم وصولها في الموعد المحدد في
الثانية والنصف صباحا، وعدم ابلاغ هيئة الموانئ بغرقها بعد علم
عمرو ممدوح إسماعيل بذلك من قائد الباخرة سانت كاترين في
السابعة صباحا.. وابلاغ اللواء محفوظ طه رئيس هيئة موانئ البحر
الأحمر بأن الباخرة مختفية فقط ثم العودة وإبلاغه بغرق الباخرة
في السابعة وخمس واربعين دقيقة.. وأيضا رفضه الموافقة علي
ارسال لنشين تابعين للشركة للانقاذ
***
لماذا رفض قبطان 'سانت كاترين' إنقاذ الضحايا؟
عندما اختفت الباخرة 'السلام 98' وغرقت في الواحدة وعشر
دقائق من صباح يوم الجمعة قبل الماضي، كان القبطان صلاح
جمعة قائد الباخرة 'سانت كاترين' وهي ايضا إحدي البواخر
المملوكة لممدوح إسماعيل كان ينتظر وصول 'السلام 98' التي لم
تصل في موعدها في الثانية والنصف صباحا، رغم أن موعد
مغادرة سفينته كان في الثانية صباحا. رحلة سانت كاترين كان
مقررا لها المغادرة بمجرد وصول الباخرة 'السلام 98'، لم تصل
الباخرة في موعدها ولم يشعر هو بأي قلق، فقد كانت المعلومات
غائبة عنه، فقط ممدوح إسماعيل ونجله عمرو هما اللذان كانا
على علم بالتطورات من الحرائق وحتى انقطاع الاتصالات معها
***
في هذا الوقت كانت هناك نصائح قد وجهت إلي القبطان صلاح
جمعة قائد سانت كاترين بعدم المغامرة والسفر في هذا الموعد
فالأمواج عاتية والرياح شديدة وحياة 1800 شخص يمكن أن
تتعرض للخطر
إلا أن تعليمات ممدوح إسماعيل كانت واضحة : لابد أن تغادر
لم تصل الباخرة 'السلام 98' في موعدها فاضطرت
سانت كاترين إلى المغادرة في نحو الثانية و45 دقيقة باتجاه
ميناء 'ضبا'، وكان القبطان يشعر بالخطر وكان الركاب ايضا في
قلق شديد نتيجة سوء الأحوال الجوية
توقع القبطان صلاح جمعة أن يتلقى رسالة من زميله القبطان
سمير عمر قائد 'السلام 98' اثناء تقابلهما لضمان المرور الآمن في
منطقة الميناء إلا أن ذلك لم يحدث فغادر ميناء سفاجا دون أن
يتلقي أي اتصال في المقابل، عاد ليتصل بادارة الشركة إلا أن
ممدوح إسماعيل تخوف من ان كشفه لأمر السفينة السلام 98
يمكن أي يصيب قائد 'سانت كاترين' بالقلق، فقال له لا تقلق حتما
سيعود ,امض انت في طريقك. بعد ذلك قام القبطان صلاح جمعة
بفتح القناة 16 وهي قناة دولية للاتصالات بين السفن إلا انه ظل
يوجه نداءاته ولم يتلق أية ردود من قائد الباخرة 'السلام 98'
***
في السادسة وسبع وخمسين دقيقة فوجئ القبطان صلاح جمعة
باستجابة لنداءاته من ضابط ثان العبارة 'السلام 98' والذي كان
يصارع الأمواج علي متن قارب انقاذ في البحر، سأله ماذا جرى
فأجاب الضابط أن السفينة 'السلام 98' غرقت في الواحدة صباحا
ونطلب منك انقاذنا
بعدها قام القبطان صلاح جمعة بالاتصال بعمرو ممدوح إسماعيل
نائب رئيس مجلس إدارة الشركة وابلغه بما جري واخبره بغرق
السفينة ووفقا لحديث نشرته صحيفة الأهرام يوم الثلاثاء الماضي
قال صلاح جمعة حرفياً: 'اجريت اتصالا بادارة شركة السلام
وأخبرتهم بغرق السفينة واثناء المكالمة معهم عرفت ان رئيس
مجلس ادارة الشركة ممدوح إسماعيل طلب ابلاغي بالمواصلة
في رحلتي حتى لا تتحول الكارثة إلي كارثتين
***
إلى هنا وانتهت واقعة سانت كاترين ودورها الذي تخلت عنه..
ورغم أن هيئة موانئ البحر الأحمر اصدرت قرارا بوقف القبطان عن
العمل والتحقيق معه إلا أن موقف القبطان يمثل انتهاكا للقانون
وتخليا عن المهمة الانسانية التي كان يتوجب عليه القيام بها وهو
بذلك شارك في الجريمة التي وقعت.. والقانون هنا يقول إن أي
ربان يخفق في عملية المساعدة وكان لديه علم بالاستغاثة وليس
لديه اسباب تمنعه أو تعرض سفينته للخطر فهو يكون بذلك قد
ارتكب فعلا جنائيا يحاكم عليه.. وكان يفترض وفقا للعرف السائد لو
كانت هناك اسباب تمنعه أو تعرض سفينته للخطر أن يقف في
مكانه ويحول سفينته إلي غرفة عمليات لابلاغ جميع المراكب
والموانئ القريبة. وربما لهذا السبب قدم 12 من طاقم البحارة
العاملين علي متن العبارة 'سانت كاترين' استقالاتهم بسبب عدم
استجابة القبطان لاستغاثة العبارة المنكوبة
***
من يحمي صاحب العبارة الغارقة ؟
يبدو أن ممدوح إسماعيل لم يكن شخصا عاديا.. لقد تحول إلى قوة
تسيطر وتهيمن يسنده الكبار ويفتحون أمامه الطرق، يكفي القول
إنه احتكر خط سفاجا ضبا وجدة، وأصبح له نفوذه الذي يخافه
الجميع، بل واختير عضوا بمجلس الشوري بالتعيين، وهو أمر لا يتم
إلا لقبطي يتم اختياره أو لشخصية متميزة تضيف إلى المجلس
***
اختيار ممدوح إسماعيل بالتعيين لعضوية مجلس الشورى يؤكد كل
الشائعات التي انطلقت والتي هي أقرب إلي الحقائق
فالرجل استطاع التحايل علي كافة القوانين ونجح
احتكر حجاج القرعة ونجح
حاز علي حصة تبلغ 700 ألف راكب من مجموع حوالي
مليون و300 ألف راكب وحده ونجح، بل حتي سفن الشحن أصبح
هو وحده المتحكم في عمليات الشحن من داخل خط سفاجا - ضبا
***
لقد كسب ممدوح إسماعيل مئات الملايين من وراء احتكاره
للخطوط وتجاوزه للقوانين، لقد كان يحصل على ثمن الباخرة فقط
في ستة أشهر وكانت نسبة الاشغال لديه دوما 100 % ، لكنه
كان يتعمد شراء السفن المتهالكة وعدم الحرص على أرواح البشر
بسبب الإهمال المتعمد والذي عبر عن نفسه أيما تعبير في الكارثة
لقد ظهرت الأزمة جلياً أمام التكدس الحالي الذي يعيشه ميناء
سفاجا تحديدا بعد منع بواخر شركة السلام من السفر وقيام
السعودية بإعادة الباخرة 'السلام 94' دون ركاب من ميناء ضبا
فالدولة لا تستطيع أن تحل الأزمة لأنها باختصار لم تعد تمتلك في
ظل الخصخصة سوي مركبين هما (دهب ووادي النيل) وكانت قد
قامت بتأجيرهما للقطاع الخاص
***
لقد تكاتفت مراكز القوى التي تساند ممدوح إسماعيل خلال
الساعات القليلة الماضية.. بهدف إجبار هيئة موانئ البحر الأحمر
بالسماح لسفن شركة السلام باستمرار رحلاتها، وتمارس حاليا
ضغوطا شديدة بل وتهدد بعزل محفوظ طه رئيس هيئة موانئ
البحر الأحمر بعد أن رفض التصريح لهذه السفن بالسفر
لقد منح المفتشون صباح الخميس تصريحا لإحدى بواخر ممدوح
إسماعيل للسفر علي ذات الخط سفاجا ضبا إلا أن محفوظ طه
طلب معرفة الترخيص وطلب مراجعة وضع التريلات في العبارة
واختبار الطاقم ومهندس أول السفينة والاتزان الخاص بالسفينة
وعلى الفور بدأت الضغوط من كل اتجاه بهدف إجبار محفوظ طه
على التسليم والسماح لسفن ممدوح إسماعيل بالسفر واستمرار
رحلاتها
***
لقد وصلت إلى مجلس الوزراء برقية موجهة إلي د. أحمد نظيف
تقول بالنص: 'بالإضافة إلي جريمة قتل ألف شخص، هيئة موانئ
البحر الأحمر توقف الصادرات المصرية بسبب قيامها بمنع سفن
السلام من السفر
قطعا هي وسيلة من وسائل الابتزاز لإرغام كل من يحاول أن
يتصدي ويعمل القانون بأن مصيره سيكون الإقالة على الفور. إن
السؤال المطروح الآن بعد كل ما جري
هل يفلت ممدوح إسماعيل وعصابته من العقاب؟
وهل يبقى من ساندوه طلقاء لا يستطيع أحد الاقتراب منهم ؟
***
الحلقة المفقودة..
لماذا لم يستخدم القبطان أجهزة الاستغاثة ؟
من المؤكد أن القبطان قد استغاث أكثر من مرة خلال الحرائق
المتتالية والتي بدأت منذ العاشرة مساء الخميس وحتى غرق
السفينة في الواحدة وعشر دقائق من صباح الجمعة
لقد أكد كثير من الناجين الذين كانوا على
مقربة من القبطان خاصة طاقم السفينة أن القبطان أجرى
اتصالات عدة عبر تليفون الستالايت مع رئيس مجلس إدارة
الشركة ممدوح إسماعيل ونجله عمرو، إلا أن التعليمات كانت
واضحة : لا تبلغ أحدا، وامض بسفينتك حتي النهاية وستصل
بالسلامة
***
إن الغريب في كل ذلك أن هناك محطات
V.T.S
تتابع حركات السفن وإن إحداها يوجد على جبل في ميناء سفاجا
ومهمتها متابعة البواخر حتي نهاية وصولها ودور هذه المحطة هو
إبلاغ جمع السفن المحيطة لممارسة دورها في عملية الانقاذ
وهذا لم يتم إطلاقا كما هو واضح حتى الآن
وهناك جهاز 'إيرب' مرشد الطوارئ اللاسلكي وهو يكون مثبتا
على جانبى السفينة ويتركها بطريقة آلية في في حال غرق
السفينة وله بطارية تكفي لمدة 48 ساعة وغير قابل للغرق وهو
يرسل إشارات استغاثة إلى الأقمار الصناعية لتبثها إلي محطة
الإنقاذ البرية بمجرد ملامسته للماء محددا موقع السفينة واسمها
والسؤال لماذا لم تتلق أي من الجهات المعنية هذه الإشارة
باستثناء ما أعلن عن استقبال أحد مراكز لندن لهذه الاستغاثة؟
***
إن كافة المؤشرات تؤكد أن أجهزة الاستغاثة كانت معطلة، أو أنه لم
يستخدمها عامدا متعمدا بفعل التعليمات الصادرة، وفي كل
الأحوال فهي جريمة لا تغتفر
***
بقلم الاستاذ مصطفــى بكــري
عضو مجلس الشعب المصــري
وعضو لجنة النقل والمواصلات في المجلــس
والمكلّف بالتحقيق في القضيّــة
من د.طـــارق فـــاروق
الجزء الثــاني
الساعات الحاسمة قبل الغرق
تحركت الباخرة 'السلام 98' من ميناء ضبا السعودي في حوالي
الثامنة من مساء الخميس قبل الماضي، كانت الباخرة مزدحمة
للغاية، ذهب كل الركاب إلي أماكنهم المحددة، وقبيل العاشرة
بقليل كان هناك انبعاث للدخان من أسفل الباخرة وتحديدا في
منطقة المواتير.. تساءل بعض الركاب منزعجين، فقيل لهم: لا
تقلقوا سنطفئها بعد قليل
كانت خراطيم المياه قد بدأت في إلقاء كميات كبيرة من المياه
بهدف إطفاء النيران بعد أن عجزت أنابيب الإطفاء البالية عن القيام
بدورها، في هذا الوقت أجري قبطان السفينة صلاح عمر اتصالا
بإدارة الشركة يبلغها فيه باندلاع الحريق، اقترح أن يعود مرة أخرى
إلى ميناء 'ضبا' فالمسافة قليلة قياسا بالمسافة بين موقع
السفينة وميناء سفاجا جاء الرد من الشركة بالرفض !!، وكانت
المبررات أن ذلك قد يتخذ كأداة ضد الشركة خصوصا أن باخرة
أخري هي 'السلام 95' كانت قد غرقت في قناة السويس في 17 أكتوبر
الماضي
***
حاول القبطان إقناع إدارة الشركة بالعودة، قال: إنه يشعر بالخطر
وأن النار قد تمتد، وأن الرياح عاتية، إلا أن صاحب الباخرة كانت له
كلمته الواضحة وإلا فسوف تعزل
ذهب وفد من الركاب قابلوا القبطان، طالبوه بالعودة مرة أخرى
إلى ضبا كانت كلماته واضحة : 'أنا أدرى بالباخرة ولن أعود'!! ظل
الوضع هكذا لفترة من الوقت، أصر القبطان علي المضي باتجاه
ميناء سفاجا، بعد نصف ساعة اشتعلت النار مرة أخري، بدأت
عمليات الإطفاء بخراطيم المياه من جديد
***
كانت كل المؤشرات تقول: إن هناك شررا تطاير من المولد
الكهربائي الخاص بالعبارة أو من سيارات النقل الثقيل التي
تحتوي علي وحدات تبريد تعمل بالسولار وكان الحريق في هذه
المرة أكثر اشتعالا وأشد قسوة، وكان يفترض على القبطان أن
يعود دون انتظار للأوامر.. لكنه اتصل مرة أخرى وأبلغهم بخطورة
الموقف، لكن أصحاب الشركة قالوا له عليك بخراطيم المياه
تراكمت المياه في الجراج ولم تتمكن بالوعات التصريف من القيام
بدورها فقد انسدت هي الأخري وبدأت السفينة تميل من 8 درجات
إلى 12 درجة ثم إلي 20 درجة ووصل بذلك إلى مرحلة الخطر
***
كانت السفينة في حالة يرثى لها، إنها سفينة بالية، لا
تصلح للسفر في هذه المناطق، كانت سفينة لنقل البضائع، لكنها
تحولت بقدرة قادر إلى سفينة تنقل آلاف البشر
***
السفينـــــة
كانت الباخرة 'السلام 98' واحدة من خمس عبارات تم تجديدها
بإيطاليا عام 91، أضيفت لها أدوار عديدة ولم تحصل على ترخيص
للملاحة إلا بعد شرائها، فراحت تعمل على خط سفاجا ضبا ليل
نهار.. وأيضا علي خطوط أخري في موانئ شرق البحر المتوسط
ولأن صاحب السفينة 'نهم' فقد ألغى الجراج العلوي المخصص
للسيارات وقام ببناء كبائن درجة ثانية بطريقة غير مطابقة
للمواصفات
والغريب أنه عندما احتاج إلي وجود غرفة مولدات إضافية، قام
ببنائها أسفل هذه الكبائن وتلك هي المصيبة.. ومع ذلك حصل
على التصريح اللازم
***
لقد حدث لهذه السفينة حريق في نفس المكان وبجوار غرفة
المولدات المنشأة، وكان بالعبارة يومها ما يزيد على 2800 راكب
من حجاج ومتخلفي عمرة رمضان، وقد تم إطفاء الحريق
والسيطرة عليه بعد 4 ساعات . إن المصيبة أن راكب الكبائن
والبولمان في هذه السفينة لا يمكنه الخروج إلي السطح
والعكس -كما يقول ضابط بحري كبير- صحيح فراكب السطح لا
يستطيع أن يدخل الكبائن، ولذلك يحدث الارتباك الشديد في حال
وقوع الكوارث، كما حدث خلال الكارثة المفجعة الأخيرة
وهناك أيضا قضية تغيير الأطقم المستمرة من سفينة إلى أخرى
فما دام الفرد يعمل بنفس الشركة الأمر لا يهم، وبالتالي لا يكون
هناك وقت للمناورات بالبحر ولا لإعطاء إرشادات للركاب بحجة أنهم
نوعيات من البسطاء لا تستوعب ما قد يحدث، وعلى العكس من
ذلك يتم عمل هذه المناورات في البحر المتوسط في حال سفر
العبارات هناك.. ومن ثم يكون أفراد الطاقم من ضباط وبحارة
ومهندسين وميكانيكيين هم فقط الذين يسمح لهم بالسفر في
المتوسط، على العكس من ذلك البحر الأحمر حيث تجري
الاستعانة بأفراد المطاعم والكافيتريات وشخصيات لا تمتلك الخبرة
الكافية يدفع لهم صاحب الشركة مبالغ مالية ضعيفة للغاية وليس
لهم حقوق مادية أو أدبية عند الإصابة أو غيرها
***
وهذه السفينة التي يبلغ عمرها أكثر من 35 عاما تم شراؤها
بمبلغ لا يزيد علي 2 مليون جنيه تحمل علم بنما حتى تستطيع
الهروب من كافة إجراءات الأمن والسلامة ودفع الضرائب وحقوق
الأطقم كل ذلك مقابل مبالغ مالية يدفعها الملاك لهذه الدولة
إن أي سفينة تبحر في العالم لابد أن تكون تابعة لهيئة إشراف
وعددها 11 هيئة منها خمس تسمي 'بالخمسة العظماء' وأبرزها
هيئة اللويدز (بريطانية), وهيئة
D. N. V: نرويجية
وجير مينش لويدز (ألمانية) أما هيئة رينا (الإيطالية) والتي أعطت
الباخرة 'السلام 98' الترخيص فهي من أضعف هيئات الإشراف
في العالم.. بل هي التي أعطت شهادة سلامة لناقلة البترول
المالطية 'أريكا' والتي انشقت إلي نصفين قبل ست سنوات
وتسببت في مد بحري أسود من البترول. وليس صدفة أن شركة
لويدز ريجستر المتخصصة في الملاحة البحرية قد أكدت في بيان
لها أن السفينة 'السلام 98' في خريف عمرها ولا تستوفي معايير
السلامة المطبقة في الاتحاد الأوربي مما جعلها ممنوعة من
الملاحة في المياه الأوربية
***
كان طبيعياً والحال كذلك أن يحدث خلل في اتزان السفينة بعد
إغراقها بكميات هائلة من المياه، ذلك أن السفينة يفترض أن
تسلك طريقها باتزان معين، وهنا نجد أنفسنا أمام ثلاثة احتمالات
أساسية للغرق وفقا لوصف خبير بحري كبير
الأول: أن تكون السفينة ونتيجة تكدس المياه في أحد أجنابها قد
مالت وقام الربان بالدوران في اتجاه عكس اتجاه الميل، أو دفع
بالركاب كما قيل إلي الانتقال من جانب إلي جانب لإحداث التوازن
إلا أن ذلك سبب الانقلاب المفاجئ
الثاني: أن تكون السفينة قد وصلت إلي ما يعرف بالاتزان
الحرج، وهو أخطر حالات الاتزان، وفي هذه الحالة لا يكون
للسفينة أي ذراع استعدال
الثالث: أن تكون الأوزان قد زادت، وعندما تزيد الأوزان يفقد الطفو
الاحتياطي المصممة عليه المركب بسبب زيادة الأوزان
***
ووفقا لروايات الشهود والمحللين يبدو أن السبب الأول كان هو
وراء غرق السفينة في مدة زمنية لم تزد على 15 دقيقة
لقد أعطى طول عمر السفينة وتهالكها الفرصة لإحداث بعض
الثقوب نتيجة الانفجارات لتدخل منها المياه الغزيرة إلى داخل
السفينة وبالرغم من أن كل المؤشرات كانت تنذر بالخطر إلا أن
إجراءات الأمان لم تتحقق، ومعظم الرماثات لم تفتح، وذلك بسبب
أن محطته التي يمتلكها في السويس هي التي تقوم بعمل
الصيانة لهذه الرماثات
لقد ذكر أنه كان هناك 88 رماثا يستوعب الواحد منها حوالي 20 فردا
ولكن يبدو أن المواصفات الفنية للرماثات لم تكن متوافرة
ومن ثم فالاحتمال الأرجح هو أن يكون الرماث منتهي الصلاحية
فتكون الزجاجة التي تحتوي علي غاز مضغوط مسربة للغاز
الموجود بها، فلا يتم فتح الرماث ويؤدي إلي الغرق وهذا ما حدث
***
هناك نقطة أخري تكشف عن حجم الأخطاء التي ارتكبت لقد
أطفأوا الحريق الناتج عن تسرب الوقود بالجراج بواسطة مياه
البحر وهذا خطأ جسيم يدل علي عدم وجود مناورات وتدريبات
للتعامل مع الحريق، فالوقود أخف من الماء، وعند إطفاء الوقود
المشتعل بالماء يطفو الوقود المشتعل علي سطح الماء ويؤدي
بفعل الكميات الكبيرة من المياه إلى نشر الحريق وهذا هو ما
حدث وكان من الممكن الإطفاء بالرغوة أو البودرة ولكن ذلك لم
يحدث لأنه وببساطة لم تكن هذه المواد متواجدة
***
لماذا تأخرت عملية الانقاذ ؟
بعد أن ابلغ القبطان صلاح جمعة قائد سانت كاترين ادارة الشركة
وتحديدا نائب رئيس مجلس الادارة عمرو ممدوح إسماعيل بواقعة
غرق السفينة 'السلام 98' في حوالي السابعة صباحا.. قام عمرو
بالاتصال باللواء محفوظ طه رئيس هيئة مواني البحر الأحمر وابلغه
باختفاء الباخرة 'السلام 98' ولم يقل انها غرقت رغم علمه بذلك
ساعتها طلب اللواء محفوظ طه من عمرو ممدوح إسماعيل أن
يصدر قرارا بارسال عدد 2 لنش تمتلكهما الشركة سرعتهما '30
عقدة' للبحث عن السفينة، خاصة أن هذين اللنشين اسرع من أي
وحدة بحرية أخرى، وقد وعد عمرو بتنفيذ ذلك
في هذا الوقت قام اللواء محفوظ طه بالاتصال بميناء سفاجا
ليستفسر عن الأمر، ثم بدأ يجري اتصالا بميناء ضبا، وفي السابعة
وعشر دقائق اتصل بقائد القوات البحرية المنوب وابلغه باختفاء
الباخرة واحتمال طلب النجدة للانقاذ، في السابعة والثلث كان
هناك نص اشارة جرى اعداده للابلاغ ويقول النص 'غادرت العبارة
السلام 98 ميناء ضبا سعت 2000 يوم 2/2/2006 وننتظر وصولها
سعت 300 يوم 3/2، لم يتم تحقيق اتصال حتى الآن تطلب شركة
السلام تنفيذ بحث على نفقة الشركة تتعهد هيئة المواني بدفع
أي تكلفة
تم اعداد الاشارة ولكن لم يتم ارسالها في هذا الوقت تحديدا
انتظارا لمعرفة الرد النهائي من الشركة التي ظلت تتكتم علي
غرق السفينة التي قطعت معها الاتصالات نهائيا في تمام الواحدة صباحا
وفي السابعة و45 دقيقة صباح الجمعة، قام عمرو ممدوح
إسماعيل باجراء اتصال آخر باللواء محفوظ طه رئيس هيئة
المواني وابلغه أن الباخرة 'السلام 98' قد غرقت، وقال إنه تأكد
من هذه المعلومة من خلال قائد السفينة سانت كاترين والذي
ابلغه بهذه المعلومة في السابعة صباحاً
في السابعة و47 دقيقة كانت هيئة مواني البحر الأحمر قد تلقت
التعليمات من رئيس الهيئة بارسال الاشارة المعدة فورا إلى
القوات البحرية وإلى هيئة البحث والانقاذ
شعر محفوظ طه بخطورة الموقف
انتقل علي الفور من السويس إلى ميناء سفاجا
أجري اتصالا جديدا بعمرو ممدوح إسماعيل، سأله هل ارسلت
اللنشين للمساعدة في انقاذ الركاب؟ تعلل عمرو إسماعيل في
هذا الوقت بأن اللنشين ينتظران التموين، وبعد ذلك اتضح أنه
رفض ارسالهما لانقاذ الركاب
كان الوقت يمر بطيئا وكان الناس يموتون غرقا في عرض البحر
ومن نجا منهم كان ينتظر الانقاذ وسط أمواج عاتية
كانت الثواني محسوبة، وفي كل دقيقة كان هناك من يموت
بعد أن يفقد قدرته علي التواصل والاستمرار
بينما كان ممدوح إسماعيل ونجله يتعاملان مع الكارثة بقلب بارد
***
بعد قليل من ابلاغ القوات البحرية بما جرى، صدرت التعليمات
بالاسراع بعملية الانقاذ، ووفقا للتقديرات فإن استعداد الوحدات
البحرية للانقاذ يستلزم نحو ساعة تقريبا، والخروج من الرصيف
حتي البانوراما خارج الممر الملاحي يستلزم 45 دقيقة، أمّا
المسافة من البانوراما وحتى موقع السفينة حوالي 70 ميلا
تقطعها المدمرة في نحو 5 ساعات حتي تتمكن من الوصول
***
في البداية ذهبت القوات إلي الموقع المحدد ثم اتضح انه ليس
هو المقصود، فاضطرت إلي البحث في الموقع الآخر وقضت
حوالي ساعة ونصف إلي ان وصلت إلي هناك، أي أنها من
الناحية العملية أمضت ست ساعات ونصف الساعة منذ صدور
الأوامر إليها حتي وصلت إلي المكان المحدد لتمارس مهمتها في الانفاذ
كان ضحايا العبارة من الناجين والغرقي قد تبعثروا على
مسافات طويلة في هذا الوقت وكان على سفن الانقاذ ان تبحث
بسرعة (25 عقدة) وليس أكثر والا فلن يتمكنوا من رؤية أي من
الناجين أو الغرقي، وهكذا بدأت المهمة التي لا تزال مستمرة
حتى الآن والتي اسفرت فقط عن نجاة 388 راكبا بينما أصبح
الآخرون جميعا في عداد الشهداء
***
هنا تتحمل الشركة ورئيس مجلس ادارتها ممدوح إسماعيل ونجله
عمرو نائب رئيس مجلس الادارة المسئولية الأولي في عدم
الابلاغ عن اختفاء السفينة منذ وقت مبكر من مساء يوم الخميس
وعدم الابلاغ عن غرقها بعد عدم وصولها في الموعد المحدد في
الثانية والنصف صباحا، وعدم ابلاغ هيئة الموانئ بغرقها بعد علم
عمرو ممدوح إسماعيل بذلك من قائد الباخرة سانت كاترين في
السابعة صباحا.. وابلاغ اللواء محفوظ طه رئيس هيئة موانئ البحر
الأحمر بأن الباخرة مختفية فقط ثم العودة وإبلاغه بغرق الباخرة
في السابعة وخمس واربعين دقيقة.. وأيضا رفضه الموافقة علي
ارسال لنشين تابعين للشركة للانقاذ
***
لماذا رفض قبطان 'سانت كاترين' إنقاذ الضحايا؟
عندما اختفت الباخرة 'السلام 98' وغرقت في الواحدة وعشر
دقائق من صباح يوم الجمعة قبل الماضي، كان القبطان صلاح
جمعة قائد الباخرة 'سانت كاترين' وهي ايضا إحدي البواخر
المملوكة لممدوح إسماعيل كان ينتظر وصول 'السلام 98' التي لم
تصل في موعدها في الثانية والنصف صباحا، رغم أن موعد
مغادرة سفينته كان في الثانية صباحا. رحلة سانت كاترين كان
مقررا لها المغادرة بمجرد وصول الباخرة 'السلام 98'، لم تصل
الباخرة في موعدها ولم يشعر هو بأي قلق، فقد كانت المعلومات
غائبة عنه، فقط ممدوح إسماعيل ونجله عمرو هما اللذان كانا
على علم بالتطورات من الحرائق وحتى انقطاع الاتصالات معها
***
في هذا الوقت كانت هناك نصائح قد وجهت إلي القبطان صلاح
جمعة قائد سانت كاترين بعدم المغامرة والسفر في هذا الموعد
فالأمواج عاتية والرياح شديدة وحياة 1800 شخص يمكن أن
تتعرض للخطر
إلا أن تعليمات ممدوح إسماعيل كانت واضحة : لابد أن تغادر
لم تصل الباخرة 'السلام 98' في موعدها فاضطرت
سانت كاترين إلى المغادرة في نحو الثانية و45 دقيقة باتجاه
ميناء 'ضبا'، وكان القبطان يشعر بالخطر وكان الركاب ايضا في
قلق شديد نتيجة سوء الأحوال الجوية
توقع القبطان صلاح جمعة أن يتلقى رسالة من زميله القبطان
سمير عمر قائد 'السلام 98' اثناء تقابلهما لضمان المرور الآمن في
منطقة الميناء إلا أن ذلك لم يحدث فغادر ميناء سفاجا دون أن
يتلقي أي اتصال في المقابل، عاد ليتصل بادارة الشركة إلا أن
ممدوح إسماعيل تخوف من ان كشفه لأمر السفينة السلام 98
يمكن أي يصيب قائد 'سانت كاترين' بالقلق، فقال له لا تقلق حتما
سيعود ,امض انت في طريقك. بعد ذلك قام القبطان صلاح جمعة
بفتح القناة 16 وهي قناة دولية للاتصالات بين السفن إلا انه ظل
يوجه نداءاته ولم يتلق أية ردود من قائد الباخرة 'السلام 98'
***
في السادسة وسبع وخمسين دقيقة فوجئ القبطان صلاح جمعة
باستجابة لنداءاته من ضابط ثان العبارة 'السلام 98' والذي كان
يصارع الأمواج علي متن قارب انقاذ في البحر، سأله ماذا جرى
فأجاب الضابط أن السفينة 'السلام 98' غرقت في الواحدة صباحا
ونطلب منك انقاذنا
بعدها قام القبطان صلاح جمعة بالاتصال بعمرو ممدوح إسماعيل
نائب رئيس مجلس إدارة الشركة وابلغه بما جري واخبره بغرق
السفينة ووفقا لحديث نشرته صحيفة الأهرام يوم الثلاثاء الماضي
قال صلاح جمعة حرفياً: 'اجريت اتصالا بادارة شركة السلام
وأخبرتهم بغرق السفينة واثناء المكالمة معهم عرفت ان رئيس
مجلس ادارة الشركة ممدوح إسماعيل طلب ابلاغي بالمواصلة
في رحلتي حتى لا تتحول الكارثة إلي كارثتين
***
إلى هنا وانتهت واقعة سانت كاترين ودورها الذي تخلت عنه..
ورغم أن هيئة موانئ البحر الأحمر اصدرت قرارا بوقف القبطان عن
العمل والتحقيق معه إلا أن موقف القبطان يمثل انتهاكا للقانون
وتخليا عن المهمة الانسانية التي كان يتوجب عليه القيام بها وهو
بذلك شارك في الجريمة التي وقعت.. والقانون هنا يقول إن أي
ربان يخفق في عملية المساعدة وكان لديه علم بالاستغاثة وليس
لديه اسباب تمنعه أو تعرض سفينته للخطر فهو يكون بذلك قد
ارتكب فعلا جنائيا يحاكم عليه.. وكان يفترض وفقا للعرف السائد لو
كانت هناك اسباب تمنعه أو تعرض سفينته للخطر أن يقف في
مكانه ويحول سفينته إلي غرفة عمليات لابلاغ جميع المراكب
والموانئ القريبة. وربما لهذا السبب قدم 12 من طاقم البحارة
العاملين علي متن العبارة 'سانت كاترين' استقالاتهم بسبب عدم
استجابة القبطان لاستغاثة العبارة المنكوبة
***
من يحمي صاحب العبارة الغارقة ؟
يبدو أن ممدوح إسماعيل لم يكن شخصا عاديا.. لقد تحول إلى قوة
تسيطر وتهيمن يسنده الكبار ويفتحون أمامه الطرق، يكفي القول
إنه احتكر خط سفاجا ضبا وجدة، وأصبح له نفوذه الذي يخافه
الجميع، بل واختير عضوا بمجلس الشوري بالتعيين، وهو أمر لا يتم
إلا لقبطي يتم اختياره أو لشخصية متميزة تضيف إلى المجلس
***
اختيار ممدوح إسماعيل بالتعيين لعضوية مجلس الشورى يؤكد كل
الشائعات التي انطلقت والتي هي أقرب إلي الحقائق
فالرجل استطاع التحايل علي كافة القوانين ونجح
احتكر حجاج القرعة ونجح
حاز علي حصة تبلغ 700 ألف راكب من مجموع حوالي
مليون و300 ألف راكب وحده ونجح، بل حتي سفن الشحن أصبح
هو وحده المتحكم في عمليات الشحن من داخل خط سفاجا - ضبا
***
لقد كسب ممدوح إسماعيل مئات الملايين من وراء احتكاره
للخطوط وتجاوزه للقوانين، لقد كان يحصل على ثمن الباخرة فقط
في ستة أشهر وكانت نسبة الاشغال لديه دوما 100 % ، لكنه
كان يتعمد شراء السفن المتهالكة وعدم الحرص على أرواح البشر
بسبب الإهمال المتعمد والذي عبر عن نفسه أيما تعبير في الكارثة
لقد ظهرت الأزمة جلياً أمام التكدس الحالي الذي يعيشه ميناء
سفاجا تحديدا بعد منع بواخر شركة السلام من السفر وقيام
السعودية بإعادة الباخرة 'السلام 94' دون ركاب من ميناء ضبا
فالدولة لا تستطيع أن تحل الأزمة لأنها باختصار لم تعد تمتلك في
ظل الخصخصة سوي مركبين هما (دهب ووادي النيل) وكانت قد
قامت بتأجيرهما للقطاع الخاص
***
لقد تكاتفت مراكز القوى التي تساند ممدوح إسماعيل خلال
الساعات القليلة الماضية.. بهدف إجبار هيئة موانئ البحر الأحمر
بالسماح لسفن شركة السلام باستمرار رحلاتها، وتمارس حاليا
ضغوطا شديدة بل وتهدد بعزل محفوظ طه رئيس هيئة موانئ
البحر الأحمر بعد أن رفض التصريح لهذه السفن بالسفر
لقد منح المفتشون صباح الخميس تصريحا لإحدى بواخر ممدوح
إسماعيل للسفر علي ذات الخط سفاجا ضبا إلا أن محفوظ طه
طلب معرفة الترخيص وطلب مراجعة وضع التريلات في العبارة
واختبار الطاقم ومهندس أول السفينة والاتزان الخاص بالسفينة
وعلى الفور بدأت الضغوط من كل اتجاه بهدف إجبار محفوظ طه
على التسليم والسماح لسفن ممدوح إسماعيل بالسفر واستمرار
رحلاتها
***
لقد وصلت إلى مجلس الوزراء برقية موجهة إلي د. أحمد نظيف
تقول بالنص: 'بالإضافة إلي جريمة قتل ألف شخص، هيئة موانئ
البحر الأحمر توقف الصادرات المصرية بسبب قيامها بمنع سفن
السلام من السفر
قطعا هي وسيلة من وسائل الابتزاز لإرغام كل من يحاول أن
يتصدي ويعمل القانون بأن مصيره سيكون الإقالة على الفور. إن
السؤال المطروح الآن بعد كل ما جري
هل يفلت ممدوح إسماعيل وعصابته من العقاب؟
وهل يبقى من ساندوه طلقاء لا يستطيع أحد الاقتراب منهم ؟
***
الحلقة المفقودة..
لماذا لم يستخدم القبطان أجهزة الاستغاثة ؟
من المؤكد أن القبطان قد استغاث أكثر من مرة خلال الحرائق
المتتالية والتي بدأت منذ العاشرة مساء الخميس وحتى غرق
السفينة في الواحدة وعشر دقائق من صباح الجمعة
لقد أكد كثير من الناجين الذين كانوا على
مقربة من القبطان خاصة طاقم السفينة أن القبطان أجرى
اتصالات عدة عبر تليفون الستالايت مع رئيس مجلس إدارة
الشركة ممدوح إسماعيل ونجله عمرو، إلا أن التعليمات كانت
واضحة : لا تبلغ أحدا، وامض بسفينتك حتي النهاية وستصل
بالسلامة
***
إن الغريب في كل ذلك أن هناك محطات
V.T.S
تتابع حركات السفن وإن إحداها يوجد على جبل في ميناء سفاجا
ومهمتها متابعة البواخر حتي نهاية وصولها ودور هذه المحطة هو
إبلاغ جمع السفن المحيطة لممارسة دورها في عملية الانقاذ
وهذا لم يتم إطلاقا كما هو واضح حتى الآن
وهناك جهاز 'إيرب' مرشد الطوارئ اللاسلكي وهو يكون مثبتا
على جانبى السفينة ويتركها بطريقة آلية في في حال غرق
السفينة وله بطارية تكفي لمدة 48 ساعة وغير قابل للغرق وهو
يرسل إشارات استغاثة إلى الأقمار الصناعية لتبثها إلي محطة
الإنقاذ البرية بمجرد ملامسته للماء محددا موقع السفينة واسمها
والسؤال لماذا لم تتلق أي من الجهات المعنية هذه الإشارة
باستثناء ما أعلن عن استقبال أحد مراكز لندن لهذه الاستغاثة؟
***
إن كافة المؤشرات تؤكد أن أجهزة الاستغاثة كانت معطلة، أو أنه لم
يستخدمها عامدا متعمدا بفعل التعليمات الصادرة، وفي كل
الأحوال فهي جريمة لا تغتفر
***
بقلم الاستاذ مصطفــى بكــري
عضو مجلس الشعب المصــري
وعضو لجنة النقل والمواصلات في المجلــس
والمكلّف بالتحقيق في القضيّــة
من د.طـــارق فـــاروق
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home